الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
قال أبو محمد رضي الله عنه: وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ وَلَمْ نُوَضِّحْ فَسَادَ الأَخْبَارِ الَّتِي مَوَّهُوا بِهَا، وَتُنَاقِضُ الطَّوَائِفُ الثَّلاَثُ الْمَالِكِيِّينَ، وَالْحَنَفِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ فِيهَا ; فَوَجَبَ أَنْ نَسْتَدْرِكَ ذَلِكَ، كَمَا فَعَلْنَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد: شَغَبَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ، الْقَائِلُونَ بِعَمْدِ الْخَطَأِ: بِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، كِلاَهُمَا عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَازِبٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إِلاَّ السَّيْفَ، وَفِي كُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ. قال أبو محمد رضي الله عنه: جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ كَذَّابٌ، وَأَوَّلُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ أَبُو حَنِيفَةَ، ثُمَّ لَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ أَصْحَابُهُ، فَاحْتَجُّوا بِرِوَايَتِهِ حَيْثُ اشْتَهَوْا، ثُمَّ الْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ: مُخَالِفُونَ لِهَذَا الْخَبَرِ، عَاصُونَ لَهُ. فَالشَّافِعِيُّونَ: يَرَوْنَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُمَاتَ مِنْ مِثْلِهِ، وَالْحَنَفِيُّونَ: يَرَوْنَ الْقَوَدَ عَلَى مَنْ ذَبَحَ بِلِيطَةِ الْقَصَبِ، وَعَلَى مَنْ أَحْرَقَ بِالنَّارِ، وَعَلَى مَنْ خَنَقَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَصَاعِدًا وَكُلُّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ قَتْلٌ بِالسَّيْفِ، فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمَا هُوَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ. وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ: فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِخِلاَفِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ مِنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ جَالِسًا آخَرَ صَلاَةٍ صَلَّاهَا بِأَصْحَابِهِ، رضي الله عنهم، بِرِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ الْكَذَّابِ الْمَذْكُورِ الْمُرْسَلَةِ أَيْضًا لاَ يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا وَرَأَوْهُ حِينَئِذٍ حُجَّةً لاَزِمَةً، تُرَدُّ بِهِ رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الثِّقَاتِ، الْمُسْنَدَةِ، وَآخِرُ عَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام إذَا وَافَقَ رَأْيَ مَالِكٍ، ثُمَّ لَمْ يَكْبُرْ عَلَيْهِمْ تَكْذِيبُ جَابِرٍ وَرَدُّ رِوَايَتِهِ، إذَا خَالَفَ رَأْيَ مَالِكٍ فَأَيُّ دِينٍ يَبْقَى مَعَ هَذَا وَهَلْ هَذَا إِلاَّ اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَلاَ مَزِيدَ. قال أبو محمد رضي الله عنه: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ قَانِعٍ رَاوِي كُلِّ بَلِيَّةٍ وَتُرِكَ حَدِيثُهُ بِأُخَرَةٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَكْرَمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ ابْنِ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إِلاَّ السَّيْفَ وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ. قال أبو محمد رضي الله عنه: عَبْدُ الْبَاقِي لاَ شَيْءَ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ: ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَعَفَّانُ،، وَوَكِيعٌ وَتَرَكَ حَدِيثَهُ الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَهُوَ بُعْدٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ بِنْتِ النُّعْمَانِ الَّذِي لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعَمْدُ قَوَدُ الْيَدِ إِلاَّ أَنْ يَعْفُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَفِيهِ: فَمَا كَانَ مِنْ رَمْيٍ، أَوْ ضَرْبَةٍ بِعَصَا، أَوْ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ، فَهُوَ مُغَلَّظٌ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قُتِلَ فِي رِمِّيَّا رَمْيًا بِحَجَرٍ أَوْ ضَرْبًا بِعَصًا أَوْ سَوْطٍ، فَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَأِ، وَمَنْ قُتِلَ اعْتِبَاطًا فَهُوَ قَوَدٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: لَعَلَّهُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عِنْدَهُ كِتَابًا جَاءَ بِهِ الْوَحْيُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: قَتْلُ الْعَمِيَّةِ دِيَتُهُ دِيَةُ الْخَطَأِ، الْحَجَرُ، وَالسَّوْطُ، وَالْعَصَا مَا لَمْ يَحْمِلْ سِلاَحًا. وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي هِلاَلُ بْنُ الْعَلاَءِ أَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا أَوْ رِمِّيَّا يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ أَوْ بِسَوْطٍ أَوْ بِعَصًا فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَأٍ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَقَوَدُ يَدَيْهِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ بِنَحْوِهِ. وَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ طَاوُوس عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّةٍ بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا فَهُوَ خَطَأٌ عَقْلُهُ عَقْلُ خَطَأٍ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ. قال أبو محمد رضي الله عنه: كُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ: أَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَفِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَخْزُومِيٌّ مَكِّيٌّ ضَعِيفٌ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانُوا كُلُّهُمْ مُخَالِفِينَ لَهُ: أَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَإِنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا كَانَ مِنْ رَمْيٍ، أَوْ ضَرْبَةٍ بِعَصًا، أَوْ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ، فَهُوَ مُغَلَّظٌ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ وَهُمْ يَقُولُونَ: مَنْ رُمِيَ بِسَهْمٍ، أَوْ رُمْحٍ، فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَلَمْ يَخُصَّ فِي هَذَا الْبَابِ رَمْيًا مِنْ رَمْيٍ، بَلْ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّمْيِ الْمُطْلَقِ، وَالرَّمْيِ بِالْحَجَرِ، وَالضَّرْبَةِ بِالْعَصَا فَصَحَّ أَنَّهُ الرَّمْيُ بِالرُّمْحِ وَالسَّهْمِ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ خَالَفَهُ الشَّافِعِيُّونَ أَيْضًا فِي الرَّمْيِ مِنْ كُلِّ مَا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ. وَالْمَالِكِيُّونَ مُخَالِفُونَ لَهُ جُمْلَةً. وَأَمَّا خَبَرَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَمَّا الأَوَّلُ، فَفِيهِ: الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَهُوَ هَالِكٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَمُرْسَلٌ، ثُمَّ إنَّهُ لَوْ صَحَّا جَمِيعًا لَكَانُوا أَيْضًا قَدْ خَالَفُوهُمَا ; لأََنَّ فِيهِمَا: أَنَّ عَقْلَهُ عَقْلُ الْخَطَأِ، وَلاَ يَرَى هَذَا أَحَدٌ مِنْهُمْ. أَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ فَيُغَلِّظُونَ فِيهِ الدِّيَةَ فِي الْإِبِلِ، بِخِلاَفِ عَقْلِ الْخَطَأِ; وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَيَرَوْنَ فِيهِ الْقَوَدَ. وَأَمَّا خَبَرَا سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، وَبَكْرِ بْنِ مُضَرَ فَصَحِيحَانِ، وَبِهِمَا نَقُولُ، وَهُمَا خِلاَفُ قَوْلِهِمْ ; لأََنَّ فِيهِمَا: أَنَّ مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّةٍ، أَوْ عِمِّيَّا، فَهُوَ خَطَأٌ عَقْلُهُ عَقْلُ خَطَأٍ فَهَذَا قَتِيلٌ لاَ يُعْرَفُ قَاتِلُهُ، وَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ الدِّيَةُ، وَدِيَتُهُ دِيَةُ قَتْلِ الْخَطَأِ. وَفِيهِمَا مَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ، فَلَمْ يَخُصَّ عليه الصلاة والسلام سَيْفًا مِنْ غَيْرِهِ، وَلاَ حَدِيدَةً مِنْ غَيْرِهَا، بَلْ أَوْجَبَ فِيهِ الْقَوَدَ بِمِثْلِ مَا أَصَابَ بِيَدِهِ. وَهُوَ قَوْلُنَا، لاَ قَوْلُهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ: مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شِبْهُ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ، وَلاَ يُقْتَلُ بِهِ صَاحِبُهُ وَذَلِكَ أَنْ يَنْزَوِ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَكُونُ رَمْيًا فِي عَمْيَاءَ، عَنْ غَيْرِ ضَغِينَةٍ، وَلاَ حَمْلِ سِلاَحٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا مُرْسَلٌ لاَ حُجَّةَ فِيهِ، وَجَمِيعُ الطَّوَائِفِ نَقَضَتْ أُصُولَهَا فِيهِ: أَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَأَقْحَمُوا فِيهِ مَنْ تَعَمَّدَ قَتْلَ مُسْلِمٍ بِالْخَنْقِ، أَوْ بِالتَّغْرِيقِ، أَوْ بِشَدْخِ رَأْسِهِ بِحَجَرٍ فِيهِ قِنْطَارٌ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا فُسِّرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ فِي شَيْءٍ. وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَهُمْ يَقُولُونَ: الْمُرْسَلُ كَالْمُسْنَدِ وَهَذَا مُرْسَلٌ قَدْ تَرَكُوهُ. وَالشَّافِعِيُّونَ لاَ يَرَوْنَ الأَخْذَ بِالْمُرْسَلِ وَأَخَذُوا هَاهُنَا بِمُرْسَلٍ. وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ فَارِسٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلاَلٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ، وَلاَ يُقْتَلُ صَاحِبُهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ فَارِسٍ: وَزَادَ: أَنَا خَلِيلٌ، عَنِ ابْنِ رَاشِدٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِإِسْنَادِهِ: وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَنْزَوِ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَكُونُ دَمًا فِي عَمْيَاءَ، فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ، وَلاَ حَمْلِ سِلاَحٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذِهِ صَحِيفَةٌ مُرْسَلَةٌ لاَ يَجُوزُ الأَحْتِجَاجُ بِهَا ثُمَّ إنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَدْ خَالَفُوا مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ. أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَيُقْحِمُونَ فِي هَذَا الْقِسْمِ خِلاَفَ مَا فِي الْخَبَرِ ; لأََنَّهُمْ يَجْعَلُونَ مَنْ قُتِلَ فِي ضَغِينَةٍ وَحَمْلِ سِلاَحٍ فَقُتِلَ بِعَمُودٍ حَدِيدٍ عَمْدًا قَصْدًا حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَهُوَ خِلاَفُهُ جِهَارًا. وَلَمْ يُدْخِلْ الشَّافِعِيُّونَ فِيهِ: مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا قَصْدًا بِمَا قَدْ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ عَصًا وَنَحْوِهَا وَخَالَفَهُ الْمَالِكِيُّونَ جُمْلَةً. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَتْلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا خَبَرٌ مُدَلَّسٌ، سَقَطَ مِنْهُ بَيْنَ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَجُلٌ. كَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ فِيهِ هَذَا الْخَبَرَ بِعَيْنِهِ. وَعُقْبَةُ بْنُ أَوْسٍ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَلاَ يَصِحُّ لِلْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ سَمَاعٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا: عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بِخِلاَفِ هَذَا كَمَا أَنَا حُمَامٌ أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ثنا أُبَيٌّ ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَوْسٍ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ: أَلاَ إنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ قَالَ خَالِدٌ: أَوْ قَالَ: قَتِيلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ، وَالْعَصَا مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا. قال أبو محمد رضي الله عنه: يَعْقُوبُ بْنُ أَوْسٍ مَجْهُولٌ لاَ صُحْبَةَ لَهُ. كَمَا رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ نَفْسَهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ هُوَ الْجَحْدَرِيُّ أَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ نَفْسَهُ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أَسْقَطَ مِنْ هَذِهِ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ حَمَّادٌ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، هُوَ ابْنُ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ أَلاَ إنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا: دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فِيهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا. وَقَالَ سُفْيَانُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُدْعَانَ سَمِعَهُ مِنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو فَذَكَرَهُ وَابْنِ جُدْعَانَ هَذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ضَعِيفٌ جِدًّا وَيَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ مَجْهُولٌ وَلَمْ يَلْقَ الْقَاسِمُ بْنُ رَبِيعَةَ ابْنَ عَمْرٍو قَطُّ فَسَقَطَ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الطَّوَائِفَ الثَّلاَثَ نَقَضَتْ فِيهِ أُصُولَهَا: أَمَّا الْحَنَفِيُّونَ حَاشَا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَلاَ يَرَوْنَ دِيَةَ عَمْدِ الْخَطَأِ إِلاَّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ حِقَاقًا وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ جَذَعَةٍ بِخِلاَفِ مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ. وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَخَالَفُوهُ كُلَّهُ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّونَ فَلاَ يَرَوْنَ ذَلِكَ فِي الْعَصَا الَّتِي يُمَاتُ مِنْ مِثْلِ ضَرْبَتِهَا، وَلاَ فِي الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ عَمْدًا، حَتَّى يَمُوتَ، بَلْ يَرَوْنَ فِي هَذَا الْقَوَدَ خِلاَفًا لِهَذَا الْخَبَرِ، مَعَ أَنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ إِلاَّ بِالْمُسْنَدِ مِنْ رِوَايَةِ الْمَشْهُورِينَ وَلَيْسَ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ هَذَا النَّمَطِ. وَشَغَبُوا بِخَبَرِ الْهُذَلِيِّينَ الْمَشْهُورِ الثَّابِتِ لِمَا فِيهِ بِأَنَّ إحْدَاهُمَا ضَرَبَتْ الْأُخْرَى بِحَجَرٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِعَمُودٍ فُسْطَاطٍ فَمَاتَتْ هِيَ وَجَنِينُهَا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُرَّةَ وَالدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الضَّارِبَةِ. ثُمَّ افْتَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ آخَرَ بِعَصًا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهَا أَوْ بِحَجَرٍ يُمَاتُ مِنْهُ، فَلاَ قَوَدَ، وَلَكِنَّهُ عَمْدُ خَطَأٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ،، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ أَنَّ مَنْ مَاتَ بِمَا لاَ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ الْعَمُودَ وَالْحَجَرَ كَانَا مِمَّا لاَ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ، فَقَوْلٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ ; لأََنَّ عَمُودَ فُسْطَاطٍ لاَ يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لاَ يُمَاتُ مِنْ الضَّرْبِ فِي الشَّرِّ بِمِثْلِهِ، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ الْعَمُودَ وَالْحَجَرَ اللَّذَيْنِ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِمَا لاَ قَوَدَ فِيهِمَا وَإِنْ تَعَمَّدَ الضَّرْبَ بِهِمَا فِي الشَّرِّ، لَكِنْ فِيهِمَا الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَهَذَا ظَنٌّ فَاسِدٌ مِنْهُمْ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، وَأَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ أَبُو دَاوُد: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُوسًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ قَضِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ: كُنْت بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ، وَأَنْ تُقْتَلَ. وقال أحمد بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْمِصِّيصِيُّ أَنَا حَجَّاجٌ، هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعَ طَاوُوسًا يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً سَوَاءً إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ: فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ، وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا. فَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ. فَقَالُوا: قَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ دِيَةَ الْمَضْرُوبَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وَلاَ يَجُوزُ هَذَا فِيمَا فِيهِ الْقَوَدُ. قلنا: وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ فِي ذَلِكَ بِالْقَوَدِ، وَكُلُّ أَوَامِرِهِ حَقٌّ، وَلاَ يَجُوزُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهَا لِشَيْءٍ، بَلْ الْغَرَضُ الْجَمْعُ بَيْنَ جَمِيعِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ بَيِّنٌ، وَهُوَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام حَكَمَ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْعَمْدِ، إذْ حَكَمَ بِالْقَوَدِ، ثُمَّ حَكَمَ فِيهِ. بِحُكْمِ قَتْلِ الْخَطَأِ، إذْ حَكَمَ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إِلاَّ بِأَنَّهُ أَخْبَرَ عليه الصلاة والسلام بِأَنَّهَا ضَرَبَتْهَا فَقَتَلَتْهَا: فَحَكَمَ بِالْقَوَدِ عَلَى ظَاهِرِ الأَمْرِ، ثُمَّ صَحَّ أَنَّ ضَرْبَهَا لَهَا كَانَ خَطَأً عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَرَجَعَ عليه الصلاة والسلام إلَى الْحُكْمِ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ قَتْلُ الْخَطَأِ، إذْ لاَ يَحِلُّ أَنْ يُحْمَلَ حُكْمُهُ عليه الصلاة والسلام إِلاَّ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَقْتَضِي مَا حَكَمَ عليه الصلاة والسلام فِيهِ غَيْرَ مَا حَكَمَ بِهِ. وَقَدْ ادَّعَى قَوْمٌ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْطَأَ فِيهِ، وَقَالُوا: قَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا ذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ. فَقُلْنَا: بَلْ الْمُخْطِئُ مَنْ خَطَّأَ الأَئِمَّةَ بِرَأْيِهِ الْفَاسِدِ، وَإِذْ لَمْ يَرْوِ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، فَكَانَ مَاذَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَجَلُّ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَكِلاَهُمَا جَلِيلٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ زَادَ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا لَمْ يَعْرِفْ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ لاَ يَحِلُّ رَدُّهَا. وَقَدْ أَتَى قَوْمٌ بِمَا يَمْلاَُ الْفَمَ، فَقَالُوا: حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ لاَ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ. فَقُلْنَا: هَذَا حُكْمُ إبْلِيسَ، تُرَدُّ رِوَايَةُ حَمَلٍ رضي الله عنه وَهُوَ صَاحِبٌ ثَابِتُ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ أَخَذَ عَنْهُ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُلُّ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ. وَيُؤْخَذُ بِتَخْلِيطِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي لاَ يُسَاوِي الأَشْتِغَالَ بِهِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَقَالُوا: قَدْ قَالَ بِشِبْهِ الْعَمْدِ طَائِفَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. قَالُوا: وَمِثْلُ هَذَا لاَ يُقَالُ بِالرَّأْيِ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْفُقَهَاءِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، كَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وطَاوُوس، وَمَسْرُوقٍ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ. وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِمَا. قال أبو محمد رضي الله عنه: لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ يَصِحُّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،، إِلاَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَمُنْقَطِعَةٌ ; لأََنَّهَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ: ثَلاَثُونَ حِقَّةً، وَثَلاَثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ. وَأَمَّا عَنْ عُثْمَانَ فَإِنَّهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَطَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ: أَرْبَعُونَ جَذَعَةً خَلِفَةً إلَى بَازِلِ عَامِهَا، وَثَلاَثُونَ حِقَّةً، وَثَلاَثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا عَنْ عَلِيٍّ فَإِنَّهَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: شِبْهُ الْعَمْدِ: الضَّرْبَةُ بِالْخَشَبَةِ، أَوْ الْقَذْفَةُ بِالْحَجَرِ الْعَظِيمِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: فِي الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ الضَّرْبُ بِالْخَشَبَةِ، وَالْحَجَرِ الضَّخْمِ ثَلاَثُ حِقَاقٍ، وَثَلاَثُ جِذَاعٍ، وَثَلاَثٌ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامِهَا. وَأَمَّا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فِي شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلاَثُونَ حِقَّةً، وَثَلاَثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامِهَا، كُلُّهَا خَلِفَةٌ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَقَدْ صَحَّ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ غَيْرِ هَذَا، لَكِنْ مِثْلُ مَا رُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ كَمَا أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ الْقَاضِي أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي دِيَةِ الْمُغَلَّظَةِ: أَرْبَعُونَ جَذَعَةً خَلِفَةً، وَثَلاَثُونَ حِقَّةً، وَثَلاَثُونَ بَنَاتَ لَبُونٍ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَمُنْقَطِعَةٌ عَنْهُ ; لأََنَّهَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ، وَسُلَيْمَانُ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ كِلاَهُمَا عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَالَ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلاَثُونَ حِقَّةً، وَثَلاَثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ وَالشَّعْبِيُّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا مُوسَى بِعَقْلِهِ. وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَرُوِّينَاهَا عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ قَالَ: الْعَمْدُ السِّلاَحُ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ الْحَجَرُ، وَالْعَصَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: شِبْهُ الْعَمْدِ: الْحَجَرُ، وَالْعَصَا، وَالسَّوْطُ، وَالدَّفْعَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عَمَدْته بِهِ: فَفِيهِ التَّغْلِيظُ وَالْخَطَأُ: أَنْ يَرْمِيَ شَيْئًا فَيُخْطِئَ بِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ وَكِيعٌ: أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ النَّخَعِيِّ ثُمَّ اتَّفَقَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ: أَرْبَاعًا: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتَ لَبُونٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: وَلَمْ يُولَدْ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَرُوِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ: رِوَايَةٌ سَاقِطَةٌ فِيهَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، مِثْلُ قَوْلِ عَلِيٍّ فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيِّ، مِثْلُ الْقَوْلِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبِي مُوسَى، وَأَحَدِ قَوْلَيْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ طَاوُوس، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْلُ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عُثْمَانَ، وَأَحَدِ قَوْلَيْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ: فِيمَنْ عَمَدَ بِآخَرَ لاَعِبًا مَعَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصًا، أَوْ لَكَزَهُ، أَوْ رَمَاهُ لاَعِبًا فَهَذَا هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ، فِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ أَرْبَاعًا، كَاَلَّذِي رُوِّينَا آنِفًا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ سَوَاءً سَوَاءً. هَذَا كُلُّ مَا نَعْلَمُهُ جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَعَنْ الصَّحَابَةِ فِي صِفَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَجَاءَ عَنْ التَّابِعِينَ فِي صِفَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. صَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ شِبْهُ الْعَمْدِ كُلُّ شَيْءٍ يَعْمِدُ بِهِ بِغَيْرِ حَدِيدَةٍ، لَكِنْ بِالْحَجَرِ وَالْخَشَبَةِ، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي النَّفْسِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ خِلاَفُ هَذَا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَمَّا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ فَرُوِّينَا عَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ سَاقِطَةٍ فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ ضَرْبَتَيْنِ بِعَصًا فَمَاتَ قَالَ: دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ. وَصَحَّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْهُ: إنْ أَعَادَ عَلَيْهِ الضَّرْبَ بِالْعَصَا فَمَاتَ فَلاَ قَوَدَ فِي ذَلِكَ. وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ الْعَمْدُ السِّلاَحُ، كَذَلِكَ بَلَغْنَا، وَشِبْهُ الْعَمْدِ الْحَجَرُ وَالْعَصَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّفْسُ، وَمَا دُونَ النَّفْسِ مَا عَلِمْنَا غَيْرَ ذَلِكَ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً كَسَرَ أَسْنَانَ آخَرَ بِحَجَرٍ، أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ بِعُودٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُقَادُ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَنَا أَقُولُ: بَلْ يُقَادُ مِنْهُ ; لأََنَّهُ عَمْدٌ، وَلَيْسَ كَمَنْ شَجَّ آخَرَ بِحَجَرٍ لاَ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ. وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ: الدَّفْعَةُ يَسْتَقِيدُ بِهَا الرَّجُلُ غَيْرَهُ، لَيْسَ هَذَا شِبْهَ الْعَمْدِ وَصَحَّ عَنْ طَاوُوس: الْعَمْدُ السِّلاَحُ. وَصَحَّ، عَنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس: مَنْ تَعَمَّدَ فَضْخَ رَأْسِ آخَرَ بِحَجَرٍ: هَذَا عَمْدٌ. وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ مَوْلاَهُمْ عَنْ الْمُسَيِّبِ قَالَ: الْعَمْدُ الْحَدِيدَةُ وَلَوْ بِإِبْرَةٍ فَمَا فَوْقَهَا مِنْ السِّلاَحِ. وَرُوِّينَا عَنْ مَسْرُوقٍ مِنْ طَرِيقٍ لاَ خَيْرَ فِيهَا: لَيْسَ الْعَمْدُ إِلاَّ بِحَدِيدَةٍ. وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ دَمَغَ آخَرَ بِحَجَرٍ أُقِيدَ مِنْهُ، فَإِنْ رَمَاهُ بِالْحَجَرِ فَلاَ قَوَدَ. وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ: شِبْهُ الْعَمْدِ: الضَّرْبُ بِالْخَشَبَةِ الضَّخْمَةِ، وَالْحَجَرِ الْعَظِيمِ وَالْخَطَأُ أَنْ يَرْمِيَ إنْسَانًا فَيُصِيبَ غَيْرَهُ، أَوْ يَرْمِيَ شَيْئًا فَيُخْطِئَ بِهِ. وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لاَ يُقَادُ مِنْ ضَارِبٍ إِلاَّ أَنْ يَضْرِبَ بِحَدِيدَةٍ، وَفِي الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ: دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ. وَصَحَّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: مَنْ خَنَقَ آخَرَ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ خَطَأٌ وَمَنْ ضَرَبَ آخَرَ بِعَصًا فَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّرْبَ بِهَا فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ رَوَى كُلُّ ذَلِكَ عَنْهُ شُعْبَةُ. وَاَلَّذِي وَعَدْنَا أَنْ نَذْكُرَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ: فَرُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ مِنْ طَرِيقٍ لاَ تَصِحُّ: مَنْ خَنَقَ آخَرَ فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتَّى يَمُوتَ أُقِيدَ مِنْهُ فَلَوْ رَفَعَ عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ. وَرُوِيَ عَنْهُ: إذَا أَعَادَ عَلَيْهِ الضَّرْبَ بِالْحَجَرِ وَالْعَصَا: فَهُوَ قَوَدٌ. وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ: إذَا خَنَقَهُ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ ضَرَبَهُ بِخَشَبَةٍ حَتَّى يَمُوتَ: أُقِيدَ بِهِ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ، فَفِيهِ الْقَوَدُ. قال أبو محمد رضي الله عنه: وَهَذَا قَوْلُنَا، وَأَمَّا فُقَهَاءُ الأَمْصَارِ، فَإِنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ قَالَ: الدِّيَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي مَالِ الْجَانِي، فَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِهَا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَذَلِكَ، وَفَسَّرَ شِبْهَ الْعَمْدِ: أَنَّهُ أَنْ يَضْرِبَ آخَرَ بِعَصًا أَوْ سَوْطٍ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَيَمُوتَ قَالَ: فَإِنْ ثَنَّى عَلَيْهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ، فَهُوَ قَوَدٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ، إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ: إنْ ثَنَّى عَلَيْهِ فَلَمْ يَمُتْ مَكَانَهُ فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْعَمْدُ: مَا كَانَ بِسِلاَحٍ، وَفِيهِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ فَمَا دُونَهَا وَشِبْهُ الْعَمْدِ: هُوَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِعَصًا أَوْ سَوْطٍ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَيَمُوتَ، أَوْ يُحْدِدَ عُودًا أَوْ عَظْمًا فَيَجْرَحَ بِهِ بَطْنَ آخَرَ فَهَذَا لاَ قَوَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عِنْدَهُ شِبْهُ عَمْدٍ. وقال أبو حنيفة: لاَ قَوَدَ إِلاَّ فِيمَا قَتَلَ بِحَدِيدَةٍ بِقَطْعٍ، أَوْ بِلِيطَةِ قَصَبٍ، أَوْ أَحْرَقَهُ فِي النَّارِ حَتَّى مَاتَ. وَلَوْ خَنَقَهُ حَتَّى يَمُوتَ فَلاَ قَوَدَ فِي ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَخْنُقَ النَّاسَ مِرَارًا فَيُقَادُ مِنْهُ. فَلَوْ شَدَخَ رَأْسَهُ عَمْدًا بِحَجَرٍ عَظِيمٍ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ غَرَّقَهُ فِي مَاءٍ بَعِيدِ الْقَعْرِ فِي نَهْرٍ أَوْ بَحْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ بِرْكَةٍ حَتَّى مَاتَ، أَوْ ضَرَبَهُ بِخَشَبَةٍ ضَخْمَةٍ أَبَدًا حَتَّى مَاتَ، أَوْ فَتَحَ فَمَه كُرْهًا وَرَمَى فِي حَلْقِهِ سُمًّا قَاتِلاً فَمَاتَ، فَلاَ قَوَدَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ، كَدِيَةِ الْعَمْدِ. كَمَا رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الزِّنَادِ، عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِي مَالِهِ الْكَفَّارَةُ كَقَتْلِ الْخَطَإِ. قَالَ: فَلَوْ هَدَمَ عَلَيْهِ هَدْمًا فَمَاتَ عَامِدًا لِذَلِكَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا حِينَ الْهَدْمِ، فَفِيهِ حِينَئِذٍ الدِّيَةُ، وَالْكَفَّارَةُ وَنَرَى قَوْلَهُ كَذَلِكَ: فِيمَنْ طَمَسَ عَلَيْهِ بَيْتًا حَتَّى مَاتَ جُوعًا وَجَهْدًا. قال أبو محمد رضي الله عنه: قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ مَنْ تَأَمَّلَهُ عَلِمَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكُلِّ خَبَرٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ، وَلِقَوْلِ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا، إِلاَّ الرِّوَايَةَ السَّاقِطَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَبَا الزِّنَادِ، وَخَالَفَهُ فِي صِفَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ، مَا نَعْلَمُ مُصِيبَةً، وَلاَ فَضِيحَةً عَلَى الإِسْلاَمِ أَشَدَّ مِمَّنْ لَمْ يَرَ الْقَوَدَ فِيمَنْ يَقْتُلُ الْمُسْلِمِينَ بِالصَّخْرِ، وَالتَّغْرِيقِ، وَالشَّدْخِ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ لاَ قَوَدَ عَلَيْهِ، وَلاَ غَرَامَةَ بَلْ تُكَلَّفُ الدِّيَاتِ فِي ذَلِكَ عَاقِلَتُهُ مَعَ عَظِيمِ تَنَاقُضِهِ، إذْ لَمْ يَرَ عَمْدَ الْخَطَأِ إِلاَّ فِي النَّفْسِ، وَلَمْ يَرَهُ فِيمَا دُونَهَا فَإِنْ قَالَ: لَمْ تَرِدْ الأَخْبَارُ إِلاَّ فِي النَّفْسِ. قلنا: قَدْ خَالَفْتَهَا كُلَّهَا فِيمَا فِيهَا كَمَا بَيَّنَّا قَبْلُ، وَفَسَادُ تَقْسِيمِهِ الَّذِي لاَ خَفَاءَ بِهِ، وَلَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ تَغْلِيظًا إِلاَّ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ خَاصَّةً، لاَ فِي الدَّنَانِيرِ، وَلاَ فِي الدَّرَاهِمِ، فَأَيْنَ قِيَاسُهُ الَّذِي يُحَرِّمُ بِهِ وَيُحَلِّلُ، وَيَتْرُكُ لَهُ الْقُرْآنَ، وَالسُّنَنَ وَرَأَى عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: الدِّيَةَ فِي ذَلِكَ فِي مَالِ الْجَانِي، وَلَمْ يَرَ هُوَ يَعْنِي الْبَتِّيَّ وَأَبُو يُوسُفَ،، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ شَبِيهَ الْعَمْدِ، إِلاَّ مَنْ ضَرَبَ بِمَا لاَ يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ، وَأَمَّا مَا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ فَفِيهِ عِنْدَهُمْ الْقَوَدُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَالدِّيَةُ عِنْدَهُمْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ كَمَا رُوِّينَا آنِفًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَطَاءٍ، وطَاوُوس، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ قَوْلِنَا جَمَاعَةٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ جَرْوَةَ بْنِ حَمِيلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلَى أَخِيهِ فَيَضْرِبُهُ بِمِثْلِ آكِلَةِ اللَّحْمِ، لاَ أُوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَتَلَ إِلاَّ أَقَدْته بِهِ. وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْهُ: أَنَّهُ أَقَادَ مِنْ رَجُلٍ جَبَذَ شَعْرَ آخَرَ جَبْذًا شَدِيدًا فَوَرِمَ عُنُقُهُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَقَادَ مِنْ رَجُلٍ خَنَقَ صَبِيًّا حَتَّى مَاتَ. وَصَحَّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْقَوَدُ مِمَّنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ، أَوْ عَصًا وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا. قال أبو محمد رضي الله عنه: أَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَقَدْ تَنَاقَضُوا هَاهُنَا ; لأََنَّ الْمُرْسَلَ عِنْدَهُمْ كَالْمُسْنَدِ، وَخَالَفُوا هَاهُنَا الْمَرَاسِيلَ، وَجُمْهُورَ الصَّحَابَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا قَوْلُنَا " إنْ أَبَى الْوَلِيُّ إِلاَّ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ: لَمْ يَلْزَمْ الْقَاتِلَ ذَلِكَ، إِلاَّ بِتَرَاضٍ مِنْهُ مَعَ الْوَلِيِّ، وَإِلَّا فَلاَ " فَلأََنَّهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ: قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَإِنَّمَا أَلْزَمْنَا الْقَاتِلَ ذَلِكَ إذَا رَضِيَ بِهِ هُوَ وَالْوَلِيُّ: فَلِلأَثَرِ الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: " أَوْ يُفَادَى " فَهَذَا فِعْلٌ مِنْ فَاعِلِينَ، فَهُوَ لاَزِمٌ بِتَرَاضِيهِمَا.
وَالدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِنْ عُدِمَتْ فَقِيمَتُهَا لَوْ وُجِدَتْ فِي مَوْضِعِ الْحُكْمِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ مِنْ أَوْسَطِ الْإِبِلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَهِيَ فِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ. وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَهِيَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَحْدَهُ وَهِيَ فِي كُلِّ ذَلِكَ حَالَةَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ سَوَاءٌ لاَ أَجَلَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَلاَ عَاقِلَةٌ، فَهِيَ فِي سَهْمِ الْغَارِمِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ قَاتِلُهُ، وَالدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ: أَخْمَاسٌ، وَلاَ بُدَّ: عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنَاتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً لاَ تَكُونُ أَلْبَتَّةَ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ الْحَاضِرَةِ وَالْبَادِيَةِ سَوَاءً، فَلَوْ تَطَوَّعَ الْغَارِمُ بِأَنْ يُعْطِيَهَا كُلَّهَا إنَاثًا فَحَسَنٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَعْطَاهَا أَرْبَاعًا لاَ أَكْثَرَ. وَأَمَّا قَوْلُنَا: " إنَّ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَحَّ وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُعْلَمَ مَعْنَى مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَرَسُولُهُ عليه الصلاة والسلام إِلاَّ مِنْ بَيَانِ الْقُرْآنِ، أَوْ السُّنَّةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ، فَأَخْبَرَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ فَقِيرٍ فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاَللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا: وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَذَكَرَ الْخَبَرَ، وَفِي آخِرِهِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَأَمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ فَذَكَرَ كَلاَمًا، وَفِي آخِرِهِ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَيْهِمْ الدَّارَ، فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ. قال أبو محمد رضي الله عنه: فَصَحَّ أَنَّ الدِّيَةَ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَهَذَا حُكْمٌ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام فِي دِيَةِ حَضَرِيٍّ ادَّعَى عَلَى حَضَرِيِّينَ، لاَ فِي بَدْوِيٍّ، فَبَطَلَ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ. وَأَيْضًا فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُتَيَقَّنٌ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ. وَاخْتَلَفُوا فِي هَلْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَالشَّرِيعَةُ لاَ يَحِلُّ أَخْذُهَا بِاخْتِلاَفٍ لاَ نَصَّ فِيهِ. فإن قيل: فَمَا وَجْهُ إعْطَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّيَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ وَلَمْ يَدَّعِ الْقَتْلَ إِلاَّ عَلَى يَهُودٍ. قلنا: وَجْهُ ذَلِكَ بَيِّنٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ، وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ رضي الله عنه قَدْ صَحَّ قَتْلُهُ بِلاَ شَكٍّ، ثُمَّ لاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ قُتِلَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالدِّيَةُ وَاجِبَةٌ فِي الْخَطَأِ بِكُلِّ حَالٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَوَاجِبَةٌ فِي الْعَمْدِ إذَا بَطَلَ الْقَوَدُ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ لِوَلِيِّهِ الْقَوَدَ وَقَدْ بَطَلَ، أَوْ الدِّيَةُ وَهِيَ مُمْكِنَةٌ، وَالْقَوَدُ هَاهُنَا قَدْ بَطَلَ ; لأََنَّهُ لاَ يُعْرَفُ قَاتِلُهُ فَصَحَّتْ الدِّيَةُ فِيهِ بِكُلِّ حَالٍ. ثُمَّ لاَ بُدَّ ضَرُورَةً مِنْ أَنْ يَكُونَ قَاتِلُهُ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ، وَلَسْنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ قَاتِلَهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مَحْمُولُونَ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى يَصِحَّ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ كُفْرٌ. لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِي " كِتَابِ الْجِهَادِ " وَغَيْرِهِ. فَالْوَاجِبُ أَنْ يُحْمَلَ قَاتِلُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَلاَ بُدَّ، حَتَّى يُوقَنَ خِلاَفُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ قَاتِلُ عَبْدِ اللَّهِ قَتَلَهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ عَمْدًا فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ فَهُوَ غَارِمٌ أَوْ عَاقِلَتُهُ، وَحَقُّ الْغَارِمِينَ فِي الصَّدَقَاتِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فِي الدِّيَةِ مِائَةُ بَعِيرٍ: أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ مِنْ عُسْرِهِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: يَعْنِي مِنْ عُسْرِهِ فِي وُجُودِ الْإِبِلِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَأَهْلِ الْبَادِيَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إبِلٌ فَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقُ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ الْبَقَرُ، وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ الْغَنَمُ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَزِّ الْبَزُّ يُعْطُونَ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ مَا كَانَتْ إنْ ارْتَفَعَتْ أَوْ انْخَفَضَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ، فَمَنْ اتَّقَى بِالْإِبِلِ مِنْ النَّاسِ فَهُوَ حَقُّ الْمَعْقُولِ لَهُ الْإِبِلُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ لَهُ: كَانَتْ الدِّيَةُ الْإِبِلَ حَتَّى كَانَ عُمَرُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لَهُ: فَإِنْ شَاءَ الْقَرَوِيُّ أَعْطَى مِائَةَ نَاقَةٍ، أَوْ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفَيْ شَاةٍ فَقَالَ عَطَاءٌ: إنْ شَاءَ أَعْطَى الْإِبِلَ وَلَمْ يُعْطِ ذَهَبًا هَذَا هُوَ الأَمْرُ الأَوَّلُ، لاَ يَتَعَاقَلُ أَهْلُ الْقُرَى مِنْ الْمَاشِيَةِ غَيْرِ الْإِبِلِ، هُوَ عَقْلُهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَهَذَا عَطَاءٌ لَمْ يَأْخُذْ قَضَاءَ عُمَرَ وَقَدْ عَرَفَهُ إذْ رَأَى أَنَّهُ رَأْيٌ مِنْهُ قَطُّ، لَمْ يُمْضِهِ إِلاَّ عَلَى مَنْ رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ. وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ أَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدِّيَةُ مِائَةُ بَعِيرٍ قِيمَةُ كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ صِفَةٌ مِنْهُ لِلْإِبِلِ. أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانَ يُقْضَى بِالْإِبِلِ فِي الدِّيَةِ يُقَوَّمُ كُلُّ بَعِيرِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: فَهَذِهِ صِفَةٌ مِنْهُ لِلْإِبِلِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا وَخَالَفَ ذَلِكَ قَوْمٌ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ الْإِبِلُ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ الذَّهَبُ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقُ وَلَمْ يَرَوْا أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الأَصْنَافِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاَءِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ. وَاتَّفَقَتْ الطَّائِفَتَانِ: عَلَى أَنَّهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَار.ٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِنْ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقُ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ أَلْفَا شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ أَلْفَا حُلَّةٍ، وَلاَ تَكُونُ الدِّيَةُ إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بِمِثْلِ ذَلِكَ وَزَادُوا: أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الطَّعَامِ مِنْ الطَّعَامِ. فأما الَّذِينَ قَالُوا: عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ فِي " كِتَابِ السَّبْعَةِ " أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ. وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ أَيْضًا أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: ثَبَتَتْ الدِّيَةُ فِي الْإِبِلِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَسَقَطَتْ فِي الْبَقَرِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: وَقَوْلُ السَّبْعَةِ مَقْصُورٌ عَلَى ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، أَوَّلُ مَنْ ضَعَّفَهُ مَالِكٌ. فَمِنْ الْعَارِ وَالْمَقْتِ عَلَى أَصْحَابِهِ أَنْ يَحْتَجُّوا بِرِوَايَةٍ كَانَ مَنْ قَلَّدُوهُ دِينَهُمْ أَوَّلَ مَنْ أَسْقَطَ رِوَايَتَهُ، وَأَشَارَ إلَى تَكْذِيبِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَطَرَ فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ، لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي أَثْبَتَ الدِّيَةَ فِي الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ، وَأَسْقَطَهَا مِنْ الْبَقَرِ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ. وَأَمَّا اخْتِلاَفُهُمْ فِي مِقْدَارِ الدِّيَةِ مِنْ الْوَرِقِ: فَطَائِفَةٌ قَالَتْ: إنَّهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ: رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ السَّبْعَةِ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ. وَصَحَّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الدِّيَةِ عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَبِي ثَوْرٍ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ هِيَ ثَمَانِيَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا نُورِدُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: إنَّ الدِّيَةَ أَيْضًا تَكُونُ مِنْ الْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالْحُلَلِ: فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الدِّيَةُ مِنْ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، كَانَ يُقَالُ: عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ الْبَقَرُ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ الشَّاءُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، قَالاَ جَمِيعًا: الدِّيَةُ مِنْ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، قَالَ قَتَادَةُ: الثَّنِيَّةُ فَصَاعِدًا. قَالَ قَتَادَةُ: عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ الذَّهَبُ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقُ، وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ الْغَنَمُ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَزِّ الْحُلَلُ. وَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْ الز ُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مَكْحُولٍ فِي الدِّيَةِ مِائَتَا بَقَرَةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعْت طَاوُوسًا يَقُولُ: دِيَةُ الْحَمِيرِ فِي ثَلاَثِمِائَةِ حُلَّةٍ مِنْ حُلَلِ الثَّلاَثِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْت لِعَطَاءٍ: الْبَدْوِيُّ صَاحِبُ الْبَقَرِ، وَالشَّاةِ، أَلَهُ أَنْ يُعْطَى إبِلاً إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَرِهَ الْمُتْبِعُ فَقَالَ: الْمَعْقُولُ لَهُ هُوَ حَقُّهُ، لَهُ مَاشِيَةُ الْعَاقِلِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ لاَ تُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا إنْ شَاءَ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ الْإِبِلُ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ الْبَقَرُ، وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ الْغَنَمُ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ الْحُلَلُ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ: يُعْطِي أَهْلُ الْمَالِ الْمَالَ، وَأَهْلُ الْإِبِلِ الْإِبِلَ، وَأَهْلُ الْغَنَمِ الْغَنَمَ فِي الْبَعِيرِ الذَّكَرِ خَمْسَ عَشَرَةَ شَاةً، وَفِي النَّاقَةِ عِشْرُونَ شَاةً. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا أَبُو هِلاَلٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كُنَّا نَأْخُذُ عَنْ الْبَقَرِ خَمْسَ شِيَاهٍ، وَعَنْ الْجَزُورِ عَشَرَ شِيَاهٍ. وَمِمَّنْ قَالَ: تَكُونُ الدِّيَةُ مِنْ الْإِبِلِ، وَمِنْ الذَّهَبِ، وَمِنْ الْفِضَّةِ، وَمِنْ الْغَنَمِ، وَمِنْ الْبَقَرِ، وَمِنْ الْحُلَلِ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: أَمَّا مَنْ اقْتَصَرَ بِالدِّيَةِ عَلَى الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَقَطْ، وَلَمْ يَرَهَا فِي بَقَرٍ، وَلاَ غَنَمٍ، وَلاَ حُلَلٍ، فَإِنَّهُمْ شَغَبُوا فِي ذَلِكَ، بِأَنْ قَالُوا: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى الدِّيَةِ تَكُونُ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ. فَصَحَّ بِهَذَا أَنَّهَا تَوْقِيفٌ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ أَبْدَالاً، إذْ لَوْ كَانَتْ أَبْدَالاً لَوَجَبَ أَنْ تُرَاعَى قِيمَةُ الْإِبِلِ فَتَزِيدَ وَتَنْقُصَ وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِنْ بَقَرٍ، أَوْ مِنْ غَنَمٍ، أَوْ مِنْ حُلَلٍ، وَلَمْ تَجِبْ أَنْ تَكُونَ دِيَةٌ إِلاَّ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا كَذِبٌ بَحْتٌ، وَمَا أَجْمَعُوا قَطُّ، عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ لاَ تَكُونُ مِنْ فِضَّةٍ، وَلاَ مِنْ ذَهَبٍ، وَلاَ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ عَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وطَاوُوس، وَعَطَاءٍ، وَقَوْلَهُمَا: إنَّ الدَّنَانِيرَ، وَالدَّرَاهِمَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا تَكُونُ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ، وَقَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ.وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلاَفَ قِيمَةِ الْإِبِلِ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ دَعْوَاهُمْ الْكَاذِبَةُ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا. بَلْ الْحَقُّ فِي هَذَا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا صَحَّ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ، وَالنَّصُّ الثَّابِتُ: أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ: وَجَبَ أَنْ لاَ تَكُونَ الدِّيَةُ إِلاَّ مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَقَطْ. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: لَمَّا كَانَتْ الدِّيَةُ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى سَبِيلِ التَّقْوِيمِ، وَكَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَعْهُودَةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ: وَجَبَ أَنْ لاَ تَكُونَ الدِّيَةُ إِلاَّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا الْبَاطِلُ الثَّانِي يُكَذِّبُ بَاطِلَهُمْ الَّذِي مَوَّهُوا قَبْلَ هَذَا بِهِ ; لأََنَّ هُنَالِكَ رَامُوا أَنْ يَجْعَلُوا الذَّهَبَ، وَالْفِضَّةَ، فِي الدِّيَةِ تَوْقِيفًا لاَ بَدَلاً بِقِيمَةٍ، وَهُنَا أَقَرُّوا أَنَّهَا بَدَلٌ بِقِيمَةٍ، فَلَوْ اسْتَحَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ بِالتَّخْلِيطِ فِي نَصْرِ الْبَاطِلِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ. ثم نقول لَهُمْ: إذْ قَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّهَا بَدَلٌ بِقِيمَةٍ فَهِيَ عَلَى قَدْرِ ارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ وَانْخِفَاضِهَا، وَلاَ نَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي الْبَدَلِ وَالتَّقْوِيمِ. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: لَمَّا صَحَّ أَنَّ الدِّيَةَ لاَ تَكُونُ مِنْ الْخَيْلِ، وَلاَ مِنْ الْحَمِيرِ، وَلاَ مِنْ الْعُرُوضِ: وَجَبَ أَنْ لاَ تَكُونَ أَيْضًا مِنْ الْبَقَرِ، وَلاَ مِنْ الْغَنَمِ، وَلاَ مِنْ الثِّيَابِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: وَهَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ نَعْكِسُ عَلَيْهِمْ قِيَاسَهُمْ الْفَاسِدَ فَنَقُولُ لَهُمْ: لَمَّا صَحَّ عِنْدَكُمْ أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ مِمَّا اتَّفَقْتُمْ عَلَى أَنْ لاَ تَكُونَ مِنْهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِبِلَ حَيَوَانٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِنْهَا، فَوَجَبَ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهَا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ; لأََنَّهُمَا حَيَوَانٌ يُزَكَّى. وَالْحَقُّ مِنْ هَذَا هُوَ أَنَّهُ لَمَّا صَحَّ أَنَّ الدِّيَةَ لاَ تَكُونُ مِنْ الْخَيْلِ، وَلاَ مِنْ الْحَمِيرِ، وَلاَ مِنْ الْعُرُوضِ، وَجَبَ أَيْضًا أَنْ لاَ تَكُونَ مِنْ الذَّهَبِ، وَلاَ مِنْ الْفِضَّةِ، وَلاَ مِمَّا عَدَا مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ وَالأَتِّفَاقُ. وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ يَقُولُونَ: إنَّ ضَعِيفَ الأَثَرِ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ، وَهَا هُنَا نَقَضُوا هَذَا الأَصْلَ الَّذِي صَحَّحُوهُ. وَشَغَبَ الْمَالِكِيُّونَ مِنْهُمْ بِآثَارٍ نَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهِيَ أَثَرٌ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ الْعُكْلِيِّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ سَاقِطٌ لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَمِنْهَا أَثَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ سَمِعْت مُرَّةَ يَقُولُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَعْنِي فِي الدِّيَةِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ ; لأََنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ يَعْنِي فِي الدِّيَةِ لَيْسَ مِنْ كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ فِي الْخَبَرِ بَيَانُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَالْقَطْعُ بِأَنَّهُ قَوْلُهُ حُكْمٌ بِالظَّنِّ، وَالظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْلِ مَنْ دُونَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ، وَقَدْ يَقْضِي عليه الصلاة والسلام بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فِي دَيْنٍ، أَوْ فِي دِيَةٍ بِتَرَاضِي الْغَارِمِ وَالْمَقْضِيِّ لَهُ، فَإِنْ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ أَنَّهُ قَضَاءٌ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام بِأَنَّ الدِّيَةَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقْحَمَ فِي الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ. وَالْقَوْلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّنِّ كَذِبٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُوجِبُ النَّارَ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِمَّا أَدَّى إلَيْهَا. وَاَلَّذِي رَوَاهُ مَشَاهِيرُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ فَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عِكْرِمَةَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، كَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَتَلَ مَوْلَى لِبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِيَتِهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَالْمُرْسَلُ لاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. وَذَكَرُوا أَيْضًا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاََنْ أَجْلِسَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ ثَمَانِيَةً مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. قال أبو محمد رضي الله عنه: يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ ضَعِيفٌ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَرَأَ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى أَلْفِ آيَةٍ أَصْبَحَ وَلَهُ قِنْطَارٌ فِي الآخِرَةِ، وَالْقِنْطَارُ دِيَةُ أَحَدِكُمْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا مُرْسَلٌ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ نَقَضُوا هَاهُنَا أُصُولَهُمْ أَقْبَحَ نَقْضٍ ; لأََنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُرْسَلُ وَالْمُسْنَدُ سَوَاءٌ، وَكِلاَهُمَا أَوْلَى مِنْ النَّظَرِ، وَتَرَكُوا هَاهُنَا هَذِهِ الْمَرَاسِيلَ، وَهُمْ يَحْتَجُّونَ فِي نَصْرِ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ بِمِثْلِهَا، وَبِأَسْقَطَ مِنْهَا. فَصَحَّ أَنَّهُمْ مُتَلاَعِبُونَ لاَ تَحْقِيقَ عِنْدَهُمْ إِلاَّ فِي نَصْرِ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي رَضُوا بِهِ بَدَلاً مِنْ الْقُرْآنِ، وَمِنْ بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: لَعَلَّ هَذِهِ الآثَارَ إنَّمَا أَرَادَ فِيهَا بِذِكْرِ الأَثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَنَّهَا وَزْنُ كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهَا وَزْنُ سِتَّةِ مَثَاقِيلَ. قال أبو محمد رضي الله عنه: وَهَذَا مِنْ أَسْخَفِ كَلاَمٍ فِي الأَرْضِ ; لأََنَّ الْعَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ عِنْدَهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ أَنَّهَا وَزْنُ سَبْعَةِ آلاَفِ مِثْقَالٍ. وَلاَ يَخْتَلِفُ الْمَالِكِيُّونَ فِي أَنَّ الأَثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ هِيَ وَزْنُ ثَمَانِيَةِ آلاَفِ مِثْقَالٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، فَعَادَ قَوْلُهُمْ: وَزْنُ سِتَّةِ مَثَاقِيلَ فِي الْعَشَرَةِ هَذَيَانًا لَمْ يُعْقَلْ قَطُّ قَدِيمًا، وَلاَ حَدِيثًا. وَشَغَبَ الْمَالِكِيُّونَ أَيْضًا بِخَبَرٍ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ أَنَا عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ الْمَوْصِلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ قَالَتْ: كَانَ جَانٌّ يَطْلُعُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَأَبَى إِلاَّ أَنْ يَظْهَرَ فَعَدَتْ عَلَيْهِ بِحَدِيدَةٍ فَقَتَلَتْهُ، فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا، فَقِيلَ لَهَا: أَقَتَلْت فُلاَنًا، أَمَا إنَّهُ قَدْ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لاَ يَطْلُعُ عَلَيْك لاَ حَاسِرًا، وَلاَ مُتَجَرِّدًا إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأََبِيهَا فَقَالَ: تَصَدَّقِي بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ دِيَتِهِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا لاَ شَيْءَ عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ هُوَ الْمَكِّيُّ: ضَعِيفٌ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَأَشْبَهَ مَا فِي هَذَا الْبَابِ فَخَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَا أَبُو يُونُسَ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانًّا، فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا، وَقِيلَ لَهَا: وَاَللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتِهِ مُسْلِمًا قَالَتْ: لَوْ كَانَ مُسْلِمًا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: أَوَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْك إِلاَّ وَعَلَيْك ثِيَابُك فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً، فَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَجَعَلَتْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قال أبو محمد رضي الله عنه: لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا ; لأََنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهَا قَصَدَتْ بِذَلِكَ قَصْدَ دِيَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهَا، فَزِيَادَةُ ذَلِكَ عَلَيْهَا كَذِبٌ لاَ يَحِلُّ، وَإِنَّمَا هِيَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَتْ بِهَا. وَلاَ يَخْتَلِفُ الْمَالِكِيُّونَ فِي أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ إِلاَّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ قَتْلُهَا لَهُ خَطَأً فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا كَفَّرَتْ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَهِيَ الْمُفْتَرَضَةُ فِي الْقُرْآنِ لاَ الأَثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ: وَإِنْ كَانَ قَتْلُهَا لَهُ عَمْدًا، فَهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لاَ دِيَةَ فِي الْعَمْدِ، إنَّمَا هُوَ الْقَوَدُ، أَوْ الْعَفْوُ، أَوْ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهَا، رضي الله عنها، لَمْ تُرَاضِ مَعَ عَصَبَةِ الْجِنِّيِّ عَلَى الأَثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ: فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِلدِّيَةِ هَاهُنَا مَدْخَلٌ، وَإِنَّمَا هِيَ أَحْلاَمُ نَائِمٍ لاَ يَجُوزُ أَنْ تُشَرَّعَ بِهَا الشَّرَائِعُ، وَالأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ فَصَحَّ: أَنَّهَا صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ مِنْهَا، رضي الله عنها، فَقَطْ، لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلاً. وَمَوَّهُوا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ أَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدِّيَةُ ثَمَانُمِائَةِ دِينَارٍ، فَخَشِيَ عُمَرُ مَنْ بَعْدَهُ فَجَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَلْفَ دِينَارٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ تَعَالَى عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ أَنْ يُبَدِّلَ مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسْتَقِرُّ الْحُكْمِ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَيْهِ. وَأَحْمَقُ الْحُمْقِ قَوْلُ مَنْ وَضَعَ هَذَا الْخَبَرَ " فَخَشِيَ عُمَرُ مَنْ بَعْدَهُ فَجَعَلَهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ " لَيْتَ شِعْرِي مَاذَا خَشِيَ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَكَيْفَ خَشِيَ مَنْ بَعْدَهُ إنْ تَرَكَ الدِّيَةَ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَمْ يَخْشَ مَنْ بَعْدَهُ إذْ بَلَغَهَا أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا هَلْ فِي النُّوكِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْكَلاَمِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، لَقَدْ كِيدَتْ مِلَّةُ الإِسْلاَمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ. وَتَاللَّهِ لَوْ جَازَ لِعُمَرَ أَنْ يَزِيدَ فِيمَا مَضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ لَتُجَوِّزَنَّ لِمَنْ بَعْدَ عُمَرَ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْلِ عُمَرَ قَطْعًا، بَلْ الزِّيَادَةُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ أَخَفُّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُكْمِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الضَّلاَلَةِ، وَهَذَا عَيْبُ الْمُرْسَلِ، فَتَأَمَّلُوهُ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا رَأَى أَثْمَانَ الْإِبِلِ تَخْتَلِفُ قَالَ: لاََقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءٍ لاَ يُخْتَلَفُ فِيهِ بَعْدِي، فَقَضَى عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: لَمْ يُولَدْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بِنَحْوِ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا. وَبِاَللَّهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا قَالَ عُمَرُ قَطُّ هَذَا الْكَلاَمَ، وَمَا كَانَ فِي فَضْلِهِ رضي الله عنه لِيَقْطَعَ عَلَى مَا يَكُونُ بَعْدَهُ، لاَ سِيَّمَا وَقَدْ ظَهَرَ كَذِبُ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي أَضَافُوهُ إلَى عُمَرَ، فَإِنَّ الْخِلاَفَ فِي ذَلِكَ لاََظْهَرُ مِنْ أَنْ يَجْهَلَهُ مَنْ لَهُ أَقَلُّ عِلْمٍ، وَهَذَا مِنْ عُيُوبِ الْمُرْسَلِ فَاحْذَرُوهُ. وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَوَّمَ الْإِبِلَ فِي الدِّيَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ بَعِيرٍ هَذَا مُرْسَلٌ، ثُمَّ إنَّمَا ذَكَرَ قِيمَةً لاَ حَدًّا مَحْدُودًا، ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ هَذَا عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً قُتِلَتْ فِي الْحَرَمِ فَجَعَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ دِيَتَهَا ثَمَانِيَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ دِيَةً وَثُلُثَ دِيَةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ أَنَّ امْرَأَةً قُتِلَتْ فِي الْحَرَمِ فَجَعَلَ عُثْمَانُ دِيَتَهَا سِتَّةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَأَلْفَيْنِ لِلْحَرَمِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: كِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخَالِفَةٌ لِهَذَا الْحُكْمِ مُبْطِلَةٌ لَهُ، فَمَنْ أَضَلُّ وَأَخْزَى مِمَّنْ يُمَوِّهُ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَحْتِجَاجِ بِشَيْءٍ هُوَ أَوَّلُ مُبْطِلٌ لَهُ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلاَلِ. وَمَوَّهُوا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ أَبِي الْحَسَنِ حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ أَنَّهُ شَهِدَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَضَى فِي ثَنِيَّةِ امْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا بِثَلاَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالُوا: وَالثَّلاَثمِائَةِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمَرْأَةِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: أَبُو سُلَيْمَانَ مَجْهُولٌ لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَارِثُ كَذَّابٌ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلاً بِالْكُوفَةِ قُتِلَ خَطَأً فَقَالَ أَهْلُ الْقَاتِلِ: خُذُوا مِنَّا الْإِبِلَ وَكَانَتْ الْإِبِلُ يَوْمَئِذٍ رِخَاصًا بِعِشْرِينَ وَثَلاَثِينَ، فَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي ذَلِكَ إلَى مُعَاوِيَةَ فَكَتَبَ إلَيْهِ مُعَاوِيَةُ: وَكَيْفَ أَصْنَعُ بِقَضَاءِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا مُرْسَلٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْجَهْمِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا أَبِي أَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَنَا خَالِدٌ هُوَ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إنِّي لاَُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ قَدْرَ دِيَتِي. قال أبو محمد: هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ; لأََنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَقُلْ إنَّ الدِّيَةَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إنَّمَا قَالَ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ قَدْرُ دِيَتِي إذْ أَنَّهَا يَرْجُو أَنْ تَكُونَ فِدَاءَهُ مِنْ النَّارِ كَمَا أَنَّ الدِّيَةَ فِدَاءٌ مِنْ الْقَتْلِ، وَلاَ يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّ التَّسْبِيحَ لَيْسَ دِيَةً. ثُمَّ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دِيَتُهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلِلشَّهْرِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ، وَلِلْبَلَدِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: الْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ مُخَالِفُونَ لِهَذَا الْحُكْمِ عَاصُونَ لَهُ فَسَقَطَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ تَعَلُّقٌ بِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فَعَارَضَهُمْ الْحَنَفِيُّونَ فَقَالُوا: قَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: وَضَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الدِّيَاتِ فَوَضَعَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ. قال أبو محمد رضي الله عنه: ابْنُ أَبِي لَيْلَى سَيِّئُ الْحِفْظِ، فَخَبَرُهُمْ سَاقِطٌ كَخَبَرِ الْمَالِكِيِّينَ، وَلَيْسَ الَّذِي رَوَاهُ الْمَالِكِيُّونَ بِأَوْلَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَتَدَافَعَتْ هَذِهِ الأَخْبَارُ السَّاقِطَةُ مَعَ تَنَاقُضِهَا فَوَجَبَ إطْرَاحُهَا. وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ: قَدْ صَحَّ إجْمَاعُنَا عَلَى عَشَرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ. فَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ وَأَفَكْتُمْ قَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ الدِّيَةَ ثَمَانِيَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ قُلْتُمْ: هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَعَنْ الْحَجَّاجِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قلنا: وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَسَائِرُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ، أَوْ ضَعِيفٌ كَمَا بَيَّنَّا قَبْلُ، وَلاَ فَرْقَ. وَقَالُوا أَيْضًا: قَدْ صَحَّ أَنَّ الدِّينَارَ فِي الزَّكَاةِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الدِّيَةِ كَذَلِكَ قال أبو محمد رضي الله عنه: قلنا: كَذَبْتُمْ وَأَفَكْتُمْ ; لأََنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَشَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ، وَالشَّافِعِيَّ، وَغَيْرَهُمْ، لاَ يَرَوْنَ جَمْعَ الْفِضَّةِ إلَى الذَّهَبِ فِي الزَّكَاةِ أَصْلاً، وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ عِشْرُونَ مِثْقَالاً مِنْ ذَهَبٍ غَيْرَ حَبَّةٍ، وَمِائَتَا دِرْهَمٍ فِضَّةٍ غَيْرَ حَبَّةٍ، وَأَقَامَ كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَوْلاً كَامِلاً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ أَبُو حَنِيفَةَ الَّذِي قَلَّدْتُمُوهُ دِينَكُمْ لاَ يَرَى جَمْعَ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ إِلاَّ بِالْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَوْ أَنَّهَا دِرْهَمٌ بِدِينَارٍ، أَوْ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِدِينَارٍ. وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُمْ: يُزَكُّونَ الذَّهَبَ بِقِيمَةٍ مِنْ الْفِضَّةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. فَظَهَرَتْ جُرْأَتُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ سُوءِ مَقَامِهِمْ. وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَتَنَاقَضُوا هَاهُنَا أَقْبَحَ تَنَاقُضٍ بِلاَ برهان، إذْ قَدَّرُوا دِينَارَ الدِّيَةِ، وَدِينَارَ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَدِينَارَ الصَّدَاقِ بِرَأْيِهِمْ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقَدَّرُوا دِينَارَ الزَّكَاةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهَذَا تَلاَعُبٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ، وَشَرْعٌ فِي الدِّينِ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى. وَاسْتَدْرَكْنَا اعْتِرَاضًا لِلْحَنَفِيَّيْنِ، وَالْمَالِكِيِّينَ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ أَبْدَالاً مِنْ الْإِبِلِ لَكَانَتْ دَيْنًا بِدَيْنٍ ; لأََنَّ عُمَرَ قَضَى بِهَا فِي ثَلاَثِ سِنِينَ قلنا: وَعُمَرُ قَضَى بِالدِّيَةِ حَالَّةً فِي قِصَّةِ الْمُدْلِجِيِّ الَّتِي هِيَ أَصَحُّ عَنْهُ مِنْ تَوْقِيتِهِ فِيهَا ثَلاَثَ سِنِينَ فَمَا الَّذِي جَعَلَ رِوَايَةً لاَ تَصِحُّ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةٍ عَنْهُ أُخْرَى وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ إبْدَالِ خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْغُرَّةِ، وَلَمْ يَرَوْهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ. وَيَقُولُ الْحَنَفِيُّونَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى بَيْتٍ وَخَادِمٍ: أَنَّ لَهَا فِي الْبَيْتِ خَمْسِينَ دِينَارًا، أَوْ فِي الْخَادِمِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، وَلَمْ يَرَوْهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَمَا نَدْرِي نَصًّا مَنَعَ دَيْنًا بِدَيْنٍ أَصْلاً، إنَّمَا نَدْرِي النَّصَّ الثَّابِتَ الْمَانِعَ مِنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ. قال أبو محمد: ثم نقول لِلطَّائِفَتَيْنِ: إنْ كَانَتْ الآثَارُ السَّخِيفَةُ الَّتِي مَوَّهْتُمْ بِهَا حُجَّةً عِنْدَكُمْ فَإِنَّكُمْ قَدْ افْتَضَحْتُمْ فِي ذَلِكَ أَقْبَحَ فَضِيحَةٍ ; لأََنَّ بَعْضَهَا وَغَيْرَهَا قَدْ جَاءَتْ بِمَا خَالَفْتُمُوهُ، وَأَخَذَ بِهِ غَيْرُكُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ، كَمَا ذَكَرْنَا كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، الْقَائِلِينَ: بِأَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِنْ الْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالْحُلَلِ، كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ الدِّيَةَ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانَتْ، فَجَعَلَهَا فِي الْإِبِلِ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَفِي الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَفِي الْغَنَمِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ الذَّهَبَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقَ وَجَعَلَ فِي الطَّعَامِ شَيْئًا لَمْ يَحْفَظْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ عَقْلُهُ مِنْ الشَّاءِ فَأَلْفَا شَاةٍ. فَهَذِهِ مَرَاسِيلُ أَحْسَنُ مِمَّا ذَكَرْتُمْ، أَوْ مِثْلِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ: قَرَأْت عَلَى سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ الطَّالَقَانِيِّ: حَدَّثَكُمْ أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَا عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الطَّعَامِ شَيْئًا لاَ أَحْفَظُهُ. قال أبو محمد رضي الله عنه: لَمْ يُسْنِدْهُ إِلاَّ أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا صَاحِبٌ لَنَا ثِقَةٌ أَنَا شَيْبَانُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ أَنَا سُلَيْمَانُ، هُوَ ابْنُ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَمَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الشَّاءِ فَأَلْفَا شَاةٍ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الْعَقْلِ ثَلاَثَةٌ وَثَلاَثُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَثُلُثٌ، أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ، أَوْ الْبَقَرِ، أَوْ الشَّاءِ، وَالْجَائِفَةُ مِثْلُ ذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ أَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَا الْحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانَمِائَةِ دِينَارٍ ثَمَانِيَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلاَ إنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنْ أَهْلِ الدِّيَةِ. قَالُوا: فَهَذِهِ أَحَادِيثُ أَحْسَنُ مِنْ الَّتِي مَوَّهُوا بِهَا فِي أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَمَا الَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ أَنْ يَأْخُذُوا بِهَا، وَهُمْ يَأْخُذُونَ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إذَا وَافَقَتْ أَهْوَاءَهُمْ فِي تَقْلِيدِ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، كَاحْتِجَاجِهِمْ بِهَا فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ أَوْلَى بِحَضَانَةِ وَلَدِهَا مَا لَمْ تُنْكَحْ، وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَأَيُّ دِينٍ يَبْقَى مَعَ هَذَا وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ وَالْعَافِيَةَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ بَعِيرٍ بِكُلِّ أُوقِيَّةٍ بَعِيرٌ: فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ رَخُصَتْ الْوَرِقُ وَغَلَتْ الْإِبِلُ: فَجَعَلَهَا عُمَرُ أُوقِيَّةً وَنِصْفًا ثُمَّ غَلَتْ الْإِبِلُ وَرَخُصَتْ الْوَرِقُ، فَجَعَلَهَا عُمَرُ أُوقِيَّتَيْنِ: فَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ آلاَفٍ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ الْإِبِلُ تَرْخُصُ وَتَغْلُو حَتَّى جَعَلَهَا عُمَرُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَمِنْ الشَّاءِ أَلْفَ شَاةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَضَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مَكَانَ كُلِّ بَعِيرٍ بَقَرَتَيْنِ يَعْنِي فِي الدِّيَةِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الشَّاءِ فَكُلُّ بَعِيرٍ بِعَشْرِ شِيَاهٍ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ الدِّيَةَ ثَمَانِيَةَ آلاَفٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: وَضَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الدِّيَاتِ فَوَضَعَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ ثَنِيَّةٍ وَمُسِنَّةٍ ; وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ فَهَذَا هُوَ حَدِيثُ الْحَنَفِيِّينَ الَّذِي لاَ حَدِيثَ لَهُمْ غَيْرُهُ، أَفَلاَ يَسْتَحْيُونَ مِنْ الْعَارِ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: فِي كِتَابِ أَبِيهِ: إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ شَاوَرَ السَّلَفَ حِينَ جَنَّدَ الأَجْنَادَ، فَكَتَبَ: إنَّ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَزِّ مِنْ الْبَزِّ مِنْ نَسْجِ الْيَمَنِ بِقِيمَةِ خَمْسَةٍ خَمْسَةٍ يَعْنِي دَنَانِيرَ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، أَوْ قِيمَةَ ذَلِكَ مِمَّا سِوَى الْحُلَلِ. وَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَيِّمُ الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ عِدْلَهَا مِنْ الْوَرِقِ، وَبِقِيمَتِهَا عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ، فَإِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي ثَمَنِهَا، وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى عَلَى ثَمَانِمِائَةٍ. وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَقَالَ: إنِّي أَرَى الزَّمَانَ تَخْتَلِفُ فِيهِ الدِّيَةُ تَخْتَفِضُ فِيهِ مَرَّةً مِنْ قِيمَةِ الْإِبِلِ وَتَرْتَفِعُ مَرَّةً، وَإِنِّي أَرَى الْمَالَ قَدْ كَثُرَ، وَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الْحُكَّامَ بَعْدِي، كَأَنْ يُصَابَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ فَتَهْلِكَ دِيَتُهُ بِالْبَاطِلِ، وَأَنْ تَرْتَفِعَ دِيَتُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَتُحْمَلُ عَلَى أَقْوَامٍ مُسْلِمِينَ فَتَجْتَاحُهُمْ، وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى زِيَادَةٌ فِي تَغْلِيظِ عَقْلٍ، وَلاَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَلاَ فِي الْحُرْمَةِ، وَلاَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فِيهِ تَغْلِيظٌ، لاَ يُزَادُ فِيهِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَعَقْلُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى أَسْنَانِهَا، كَمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَا شَاةٍ وَلَمْ أَقْسِمْ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى إِلاَّ عَقْلَهُمْ يَكُونُ ذَهَبًا، وَوَرِقًا، فَيُقَامُ عَلَيْهِمْ. وَلَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ عَقْلاً مُسَمًّى لاَ زِيَادَةَ فِيهِ اتَّبَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُقِيمُهُ عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَكَذَا فِي كِتَابِي عَنْ حُمَامٍ: قَضَى عُمَرُ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَهُوَ وَهْمٌ بِلاَ شَكٍّ وَإِنَّمَا هُوَ: قَضَى عُمَرُ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: هَذَا حَدِيثُ الْمَالِكِيِّينَ الَّذِي مَوَّهُوا بِبَعْضِهِ وَتَرَكُوا سَائِرَهُ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمِيتَاتُ وَالنَّطَائِحُ حُجَّةً عِنْدَهُمْ، فَهَذِهِ الْمُنْخَنِقَاتُ وَالْمَوْقُوذَاتُ مِثْلُهَا وَبِتَمَامِهَا وَأَحْسَنُ مِنْهَا. وَإِنْ مَوَّهُوا هُنَالِكَ بِمَا لاَ يَصِحُّ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَهَذَا مِثْلُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ بِالأَحْتِجَاجِ بِذَلِكَ وَاطِّرَاحُ هَذِهِ: ضَلاَلٌ وَتَلاَعُبٌ بِالدِّينِ وَكُلُّهَا لاَ خَيْرَ فِيهَا الْوَضْعُ ظَاهِرٌ فِي جَمِيعِهَا. فَقَالُوا: لَعَلَّ مَا رُوِيَ مِنْ ذِكْرِ الْبَقَرِ، وَالشَّاءِ، وَالْحُلَلِ، إنَّمَا كَانَ عَلَى التَّرَاضِي مِنْ الْفَرِيقَيْنِ قلنا: فَلَعَلَّ مَا رُوِيَ مِنْ ذِكْرِ مَا لاَ يَصِحُّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ إنَّمَا كَانَ عَلَى التَّرَاضِي مِنْ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ فَصَحَّ أَنْ لاَ دِيَةَ إِلاَّ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ قِيمَتِهَا إنْ عُدِمَتْ لَوْ وُجِدَتْ فَقَطْ. وَلَوْ شِئْنَا أَنْ نَحْتَجَّ بِأَحْسَنَ مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ لَذَكَرْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ قَبْلُ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْجَزَرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقُرِئَتْ بِالْيَمَنِ وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا، فَذَكَرَ فِيهِ: وَفِي النَّفْسِ: مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَهَبًا، وَلاَ وَرِقًا، وَلَكِنْ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَحْتَجَّ بِمَا لاَ يَصِحُّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|